هل زار جابر الأنصاري الحسين(ع) يوم الأربعين، فكان اللقاء مع الإمام السجاد (ع)؟
يشكل البعض أنه كيف بلغ الخبر جابر الأنصاري وخرج من المدينة ووصل كربلاء والتقى بالإمام (ع) مع أن الوقت لا يسمح ؟
الجواب:
في مقام الجواب أتحدّث في نقطتين :
النقطة الأولى
هي أن رواية حضور جابر الأنصاري (رضوان الله تعالى عليه ) ترتبط بقضية تاريخية لا يراد استنباط حكم منها ، فميزانها ميزان الروايات التي تنقلها المصادر المعتبرة ، وقد بيّن الشيخ كاشف الغطاء (ق)ميزانها ، فقال في جواب السؤال التالي : { هل تكلّم رأس الحسين (ع)} نسمع من الذاكرين أن رأس الحسين(ع) قد تكلم غير مرة ، ويروون بذلك أخباراً شتى وروايات مختلفة ، كخبر زيد بن أرقم، وابن وكيدة ، وغيرهما ، ويروون أنه قد تكلّم في مجلس يزيد ، فهل هذه الأخبار صحيحة أم لا ؟ فإن كانت صحيحة فهل يمكن أن يقع مثل هذه المعجزة العظيمة الخارقة للعادة بمرأى من الناس ومسمع ولا يرتدع منهم أحد ؟ أو يرميه بالسحر كما رموا النبي (ص) بذلك ؟ أو يغالون فيه كما غالوا في الأمير (ع)لما ظهرت على يديهما بعض المعاجز ؟ فإن التاريخ لم ينقل لنا شيئاً من ذلك ، وهل يجوز أن يكون جميع الذين شاهدوا ذلك الأمر العظيم معاندين مكابرين ؟ هذا ما نرجو الجواب عنه ، ولكم جزيل الأجر والثواب ) .
الجواب : نعم ، خبر زيد بن أرقم وابن وكيدة مروي كلاهما في بعض الکتب المعتبرة ، والمراد هنا الاعتبار التاريخي لا الاعتبار الذي عليه المدار في الأخبار التي يستنبط منها الأحكام الشرعية من الصحيح والحسن والموثق ، بل هو من قبيل قولنا : تاريخ الطبري والتاريخ ابن الأثير ،معتبران ، ويكفي في هذا المعنى من الاعتبار للخبر أن ينقله مثل صاحب البحار والطريحي في المنتخب ، فضلاً عما رواه السيد ابن طاووس في اللهوف، أو الشيخ المفيد ، وفي الإرشاد ونظرائهم ….
ورواية زيارة جابر واللقاء بزين العباد (ع) المذكورة في كتب الأعلام المتقدمين وغيرهم . قال الشيخ (ق) في مصباح المتهجد : « وَفِي الْيَوْمِ الْعِشْرِينَ مِنْهُ كَانَ رُجُوعُ حرم سَيِّدِنَا أَبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ (ع) مِنَ الشَّامِ إِلَى مَدِينَةِ الرَّسُولِ ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَرَامِ الْأَنْصَارِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى كَرْبَلَاءَ لِزِيَارَةِ قَبْرِ أَبِي . عبدالله (ع) ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ زَارَهُ مِنَ النَّاسِ .
ويستحب زيارته (ع) فيه ، وهي زيارة الأربعين .
وقال الكفعمي الله : « إنما سمّيت بزيارة الأربعين لأن وقتها يوم العشرين من صفر فيكون أربعين يوماً من مقتل الحسين(ع) في العاشر من المحرم ، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله الأنصاري من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين فكان أول من زاره من الناس ، وفي هذا اليوم أيضاً كان رجوع حرم الحسين (ع)من الشام إلى المدينة ، بقيادة الإمام زين العابدين(ع) فالتقى بجابر (ع). وقال السيد علي بن طاووس الحلي (المتوفى سنة ٦٦٤هـ) في كتابه اللهوف في صفحة ١٩٦ : « ولما رجع نساء الحسين وعياله من الشام وبلغوا العراق قالوا للدليل : مر بنا على طريق كربلاء ، ووصلوا إلى المصرع فوجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري وجماعة من بني هاشم قد وردوا الزيارة قبر الحسين ، فوافوا في وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم .
ورواية زيارة جابر موجودة في بشارة المصطفى ، وعنه في بحار الأنوار للعلامة
الشيخ محمد باقر المجلسي الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، وفيها : عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ ، قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ : زَائِرَيْنِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، فَلَمَّا وَرَدْنَا كَرْبَلَاءَ دَنَا جَابِرٌ مِنْ شَاطِيْ الْفُرَاتِ فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ ائْتَزَرَ بِإِزَارٍ وَارْتَدَى بِآخَرَ ، ثُمَّ فَتَحَ صُرَّةً فِيهَا سُعْدٌ فَتَثَرَهَا عَلَى بَدَنِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلَّا ذَكَرَ الله ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْقَبْرِ قَالَ : أَلْمِسْنِيهِ فَأَلْمَسْتُهُ ، فَخَرَّ عَلَى الْقَبْرِ مَغْشِيَاً عَلَيْهِ ، فَرَشَشْتُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الْمَاءِ فَأَفَاقَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا حُسَيْنُ ثَلاثاً، ثُمَّ قَالَ : حَبيبٌ لَا يُجيبُ حَبيبَهُ»
فئات:
جدیداسئلة وردود
تعليقات